.كِتَابُ الْأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ:
.فَضِيلَةُ الذِّكْرِ:
مِنَ الْآيَاتِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:
{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 152] وَقَالَ تَعَالَى:
{اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الْأَحْزَابِ: 41] وَقَالَ تَعَالَى:
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 191] وَقَالَ تَعَالَى:
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النِّسَاءِ: 103] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالسَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ وَالْمَرَضِ وَالصِّحَّةِ وَالسِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَقَالَ تَعَالَى:
{وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الْأَعْرَافِ: 205] وَقَالَ تَعَالَى فِي ذَمِّ الْمُنَافِقِينَ:
{وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النِّسَاءِ: 142].وَمِنَ الْأَخْبَارِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْتَعَ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ فَلْيُكْثِرْ ذِكْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».وَسُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ:
«أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِذَا ذَكَرَنِي عَبْدِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِذَا ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْ مَلَئِهِ وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا» الْحَدِيثَ.وَمِنَ الْآثَارِ قَوْلُ الْحَسَنِ: الذِّكْرُ ذِكْرَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ نَفْسِكَ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا أَحْسَنَهُ وَأَعْظَمَ أَجْرَهُ، وَأَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ ذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عِنْدَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
.فَضِيلَةُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ عِنْدَهُ».
.فَضِيلَةُ التَّهْلِيلِ:
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عِدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ» الْحَدِيثَ.
.فَضِيلَةُ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَبَقِيَّةِ الْأَذْكَارِ:
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ سَبَّحَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَحَمِدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَكَبَّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَخَتَمَ الْمِائَةَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ».
.سِرُّ فَضِيلَةِ الذِّكْرِ:
إِنْ قُلْتَ: مَا بَالُ ذِكْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَعَ خِفَّتِهِ عَلَى اللِّسَانِ وَقِلَّةِ التَّعَبِ فِيهِ صَارَ أَفْضَلَ وَأَنْفَعَ مِنْ جُمْلَةِ الْعِبَادَاتِ مَعَ كَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهَا؟ فَاعْلَمْ أَنَّ تَحْقِيقَ هَذَا لَا يَلِيقُ إِلَّا بِعِلْمِ الْمُكَاشَفَةِ، وَالْقَدْرُ الَّذِي يُسْمَحُ بِذِكْرِهِ فِي عِلْمِ الْمُعَامَلَةِ أَنَّ الْمُؤَثِّرَ النَّافِعَ هُوَ الذِّكْرُ عَلَى الدَّوَامِ مَعَ حُضُورِ الْقَلْبِ، فَأَمَّا الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبُ لَاهٍ فَهُوَ قَلِيلُ الْجَدْوَى، بَلْ حُضُورُ الْقَلْبِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الدَّوَامِ أَوْ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ هُوَ الْمُقَدَّمُ عَلَى الْعِبَادَاتِ، بَلْ بِهِ تَشْرُفُ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ غَايَةُ ثَمَرَةِ الْعِبَادَاتِ الْعَمَلِيَّةِ.وَلِلذِّكْرِ أَوَّلُ وَآخِرُ: فَأَوَّلُهُ يُوجِبُ الْأُنْسَ وَالْحُبَّ، وَآخِرُهُ يُوجِبُ الْأُنْسَ وَالْحُبَّ وَيَصْدُرُ عَنْهُ، وَالْمَطْلُوبُ ذَلِكَ الْأُنْسُ وَالْحُبُّ.
.فَضِيلَةُ الدُّعَاءِ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [الْبَقَرَةِ: 186] وَقَالَ تَعَالَى:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الْأَعْرَافِ: 55] وَقَالَ تَعَالَى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غَافِرٍ: 60] وَقَالَ تَعَالَى:
{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الْإِسْرَاءِ: 110].وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«سَلُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهُ تَعَالَى يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ».
.آدَابُ الدُّعَاءِ:
الْأَوَّلُ: يَتَرَصَّدُ لِدُعَائِهِ الْأَوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ مِنَ السَّنَةِ وَرَمَضَانَ مِنَ الْأَشْهُرِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنَ الْأُسْبُوعِ وَوَقْتِ السَّحَرِ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ تَعَالَى:
{وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذَّارِيَاتِ: 18].الثَّانِي: أَنْ يَغْتَنِمَ الْأَحْوَالَ الشَّرِيفَةَ كَحَالِ زَحْفِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَبَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَحَالَةِ السُّجُودِ.وَبِالْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ شَرَفُ الْأَوْقَاتِ إِلَى شَرَفِ الْحَالَاتِ أَيْضًا إِذْ وَقْتُ السَّحَرِ وَقْتُ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَإِخْلَاصِهِ وَفَرَاغِهِ مِنَ الْمُشَوِّشَاتِ. وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْهَمِّ وَتَعَاوُنِ الْقُلُوبِ عَلَى اسْتِدْرَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.الثَّالِثُ: أَنْ يَدْعُوَ مُسْتَقْبِلًا الْقِبْلَةَ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ فِي آخِرِ الدُّعَاءِ.قَالَ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَدَّ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لَمْ يَرُدَّهُمَا حَتَّى يَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ.وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَعَا ضَمَّ كَفَّيْهِ وَجَعَلَ بُطُونَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ فَهَذِهِ هَيْئَاتُ الْيَدِ، وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ.الرَّابِعُ: خَفْضُ الصَّوْتِ بَيْنَ الْمُخَافَتَةِ وَالْجَهْرِ، قَالَتْ عائشة فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الْإِسْرَاءِ: 110] أَيْ بِدُعَائِكَ، وَقَدْ أَثْنَى تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ:
{إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مَرْيَمَ: 3] وَقَالَ تَعَالَى:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الْأَعْرَافِ: 55].الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ السَّجْعَ فِي الدُّعَاءِ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُجَاوِزَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةَ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْتَدِي فِي دُعَائِهِ فَيَسْأَلُ مَا لَا تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَتُهُ، فَمَا كُلُّ أَحَدٍ يُحْسِنُ الدُّعَاءَ.السَّادِسُ: التَّضَرُّعُ وَالْخُشُوعُ وَالرَّغْبَةُ وَالرَّهْبَةُ، قَالَ تَعَالَى:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الْأَعْرَافِ: 55].السَّابِعُ: أَنْ يَجْزِمَ الدُّعَاءَ وَيُوقِنَ بِالْإِجَابَةِ وَيُصَدِّقَ رَجَاءَهُ فِيهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ إِذَا دَعَا: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيُعَظِّمِ الرَّغْبَةَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ».الثَّامِنُ: أَنْ يُلِحَّ فِي الدُّعَاءِ وَيُكَرِّرَهُ ثَلَاثًا وَأَنْ لَا يَسْتَبْطِئَ الْإِجَابَةَ.التَّاسِعُ: أَنْ يَفْتَتِحَ الدُّعَاءَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَبْدَأَ بِالسُّؤَالِ ثُمَّ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَخْتِمَ بِهَا أَيْضًا.الْعَاشِرُ: وَهُوَ الْأَدَبُ الْبَاطِنُ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِجَابَةِ: التَّوْبَةُ وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكُنْهِ الْهِمَّةِ، فَذَلِكَ هُوَ السَّبَبُ الْقَرِيبُ فِي الْإِجَابَةِ.
.فَضِيلَةُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الْأَحْزَابِ: 56].وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مِنْ أُمَّتِي كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» وَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ فَقَالَ:
«قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ».وَرُوِيَ أَنَّ عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سُمِعَ بَعْدَ مَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْكِي وَيَقُولُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَ مِنْ فَضِيلَتِكَ عِنْدَ رَبِّكَ أَنْ جَعَلَ طَاعَتَكَ طَاعَتَهُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النِّسَاءِ: 80] بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَ مِنْ فَضِيلَتِكَ عِنْدَهُ أَنْ أَخْبَرَكَ بِالْعَفْوِ عَنْكَ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَكَ بِالذَّنْبِ فَقَالَ تَعَالَى:
{عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التَّوْبَةِ: 43] بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ بَلَغَ مِنْ فَضِيلَتِكَ عِنْدَهُ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ يَوَدُّونَ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَطَاعُوكَ وَهُمْ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا يُعَذَّبُونَ يَقُولُونَ:
{يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ} [الْأَحْزَابِ: 66] بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ مُوسَى أَعْطَاهُ اللَّهُ حَجَرًا تَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ فَمَا ذَا بِأَعْجَبَ مِنْ أَصَابِعِكَ حِينَ نَبَعَ مِنْهَا الْمَاءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَئِنْ كَانَ سُلَيْمَانُ أَعْطَاهُ اللَّهُ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ فَمَا ذَا بِأَعْجَبَ مِنَ الْبُرَاقِ حِينَ سِرْتَ عَلَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثُمَّ صَلَّيْتَ الصُّبْحَ مِنْ لَيْلَتِكَ بِالْأَبْطَحِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ. بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَئِنْ كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى فَمَا ذَا بِأَعْجَبَ مِنَ الشَّاةِ الْمَسْمُومَةِ حِينَ كَلَّمَتْكَ وَهِيَ مَشْوِيَّةٌ فَقَالَتِ الذِّرَاعُ: لَا تَأْكُلْنِي فَإِنِّي مَسْمُومَةٌ. بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدِ اتَّبَعَكَ فِي قِلَّةِ سِنِّكَ وَقِصَرِ عُمُرِكَ مَا لَمْ يَتْبَعْ نُوحًا فِي كَثْرَةِ سِنِّهِ وَطُولِ عُمُرِهِ، وَلَقَدْ آمَنَ بِكَ الْكَثِيرُ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا الْقَلِيلُ. وَلَقَدْ لَبِسْتَ الصُّوفَ، وَرَكِبْتَ الْحِمَارَ، وَأَرْدَفْتَ خَلْفَكَ وَوَضَعْتَ طَعَامَكَ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَعِقْتَ أَصَابِعَكَ تَوَاضُعًا مِنْكَ فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَسَلَّمَ.
.فَضِيلَةُ الِاسْتِغْفَارِ:
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آلِ عِمْرَانَ: 135] وَقَالَ تَعَالَى:
{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النِّسَاءِ: 110] وَقَالَ تَعَالَى:
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النَّصْرِ: 3] وَقَالَ تَعَالَى:
{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آلِ عِمْرَانَ: 17] وَقَالَ تَعَالَى:
{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذَّارِيَاتِ: 17- 18].وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ:
«سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ أَكْثَرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ».وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً».وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الِاسْتِغْفَارِ:
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».وَعَنِ الفضيل رَحِمَهُ اللَّهُ: اسْتِغْفَارٌ بِلَا إِقْلَاعٍ تَوْبَةُ الْكَذَّابِينَ. وَعَنْ رابعة العدوية رَحِمَهَا اللَّهُ: اسْتِغْفَارُنَا يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ كَثِيرٍ.وَأَمَّا أَوْرَادُ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَخَلْفِ الصَّلَوَاتِ وَفِي السَّحَرِ فَلَنَا فِيهَا كِتَابٌ مُسْتَقِلٌّ فَلْيَرْجِعْ إِلَيْهِ مَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ.